نسبة الأقوال- بين التزييف والذاكرة والانتحال الأدبي.
المؤلف: مي خالد10.30.2025

منذ بضعة أيام، استقبلتني تغريدة تحمل بين طياتها عبارة نُسبت إليّ، والحقيقة أنني لم أدونها قط، ولم أتفوه بها يومًا، بل لم تخطر ببالي أبدًا.
وعندما نبهتُ صاحبة التغريدة إلى هذا الأمر، قامت مشكورة بحذفها على الفور. إلا أن هذه الحادثة أشعلت في ذهني نار التساؤلات حول الكم الهائل من الأقوال المنتحلة أو تلك التي تُنسب زورًا وبهتانًا إلى غير قائليها الحقيقيين.
فعلى سبيل المثال، لم يتفوه ألبرت أينشتاين أبدًا بالعبارة الشهيرة: "الجنون هو أن تفعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا وتتوقع نتائج مختلفة". ومع ذلك، نُسبت إليه هذه المقولة في إحدى المقالات التي نُشرت عام 1981، أي بعد مرور ربع قرن على وفاته!
يبدو أينشتاين، تحديدًا على منصات التواصل الاجتماعي، وكأنه ليس عالمًا فيزيائيًا مرموقًا، بل أشبه بمطبعة بشرية لا تنفك عن إطلاق الأمثال والحكم بشكل عشوائي.
في الواقع، هناك شخص يُدعى جارسون أوتول (وهو الاسم المستعار لغريغوري سوليفان) يطلق عليه لقب "محقّق المقولات المنسوبة لغير أصحابها"، ويصفهم بـ "مغناطيس الاقتباسات" أو "شخصية ورق الذباب". هؤلاء هم الأشخاص الذين يجتذبون اقتباسات مغلوطة بقوة مماثلة لقوة جاذبية الشمس التي تجمع الأقمار الصناعية حولها. ومن بين هؤلاء النجوم الذين يجتذبهم الاقتباس شخصيات لامعة مثل مارك توين، وأوسكار وايلد، ومايا أنجيلو، وونستون تشرشل، ودوروثي باركر، وبنجامين فرانكلين.
ولدى جارسون كتاب قيم يحمل عنوان "هيمنجواي لم يقل ذلك: الحقيقة وراء اقتباسات مألوفة". وقد جمع في هذا الكتاب عددًا كبيرًا من الاقتباسات المتداولة عبر الإنترنت، ثم قام بتفنيدها والتحقق من صحتها بدقة، وأعادها في النهاية إلى أصحابها الحقيقيين.
في حين أن بعض الاقتباسات الخاطئة تكون ملفقة بالكامل، فإن معظمها ببساطة ما هو إلا نتاج للعبة ثقافية واسعة النطاق، حيث يكون التواصل في بعض الأحيان غير دقيق وتعاني ذاكرتنا من بعض العيوب. ولكن من حسن حظنا أن الكلمة المكتوبة تقدم نوعًا من السجل التطوري الذي يمكن للباحثين استخدامه لتتبع سلسلة هذه الاقتباسات المهمة ثقافيًا وإعطاء كل مؤلف حقه الذي يستحقه.
وحتى لو لم تكن الاقتباسات من التغريدات التي تنشرها أو تقرأها، فإنها تظل بمثابة تذكير بالغ الأهمية، وغالبًا ما يكون ممتعًا، بضرورة توخي الحذر بشأن المعلومات التي نتشاركها، وأن نعي دائمًا أنه بإمكاننا تتبع أصلها إلى مصدر موثوق به والتحقق منه. لذا، يجب علينا ألا ننخدع أو نسمح لأنفسنا بأن نُضلل.
